كورونا.. الهجوم القاسي والقائد الخبير

عبدالله بن علي السعد - الدمام

منذ بداية أزمة كورونا لفت نظري البعد التسويقي في الحملة التي أطلقت بخصوصها، وحاولت إثارة الموضوع مع بعض المتخصصين وكأن البعض أزعجته نظرتي، إذ رأى أن الكارثة لايمكن التعامل معها بالنظرة الإدارية التي نظرت بها، كما أن البعض وجد في البعد الديني سبباً ليخالفني وكان الأولى بي بحسب رأيه أن أتوجه لتذكير الناس ووعظهم.

وقلت وقتها بأن الاجراءات الوقائية والعلاجية ليست من شأني، وهناك جهات متخصصة كوزارة الصحة على المستوى المحلي ومنظمة الصحة العالمية على مستوى العالم، وأنا ملتزم بالتعليمات التي تصدر عن الجهات الرسمية.

ولكن مايهمني كمتخصص في التسويق هو كيفية الاستفادة من تجارب الجهات التي أطلقت الحملة وكيف تمت إدارة الموارد بأنواعها والمحتوى التسويقي بأبعاده صناعة وإدارة.

وخلال هذه الفترة بدأت بمتابعة تقارير وإرشادات وزارة الصحة وإجراءات وزارتي الداخلية والتجارة وغيرها وتسجيل ملاحظاتي بإعجاب.

تميزت الحملة بالآتي:

- الوصول لكافة الشرائح برغم الاختلافات بينها، كالفئات العمرية والمستوى التعليمي والاجتماعي للشرائح المستهدفة.

- التغطية الزمانية المكثفة مع مراعاة جذب انتباه القارئ وعدم نقل الشعور بالخوف او التوتر أو الملل إليه.

- المخاطبة بعدة لغات حية مراعاة لسكان المملكة مختلفي الجنسيات كالعربية والانجليزية والفلبينية والأوردو وغيرها.

- تنوع أبعاد الطرح في رسائل الحملة، فكل بعد يمثل مؤثر على شريحة معينة، وتغطية هذه الأبعاد تضمن تفاعل المتلقي لها وانجذابه إلى المشاركة الإيجابية فيها، فكان البعد الديني والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والإنساني.

لفت نظري كذلك:

- الشفافية والوضوح في تقدير حجم الوباء، والتصريح اليومي بالوضع وعرض الأرقام على البوابة الرسمية للجهات المسئولة.

- الثبات والاتزان في الطرح والمعالجة الواعية الهادئة التي تحقق الهدف سواءً أكان وقائياً أو علاجياً.

- التكامل بين الجهات في نسق جميل وكأنه جهاز واحد بفضل الله بين وزارة الداخلية والصحة والتجارة والتعليم وغيرها من الجهات.

وكانت أبرز ثمار هذه الجهود مايلي:

- الشعور بالأمان والأمن الغذائي والاستقرار النفسي لدى الناس، بل وانتقال ذلك إلى الخارج وتدوين البعض حول إعجابهم وشعورهم بالأمان وكيف وضعت الدولة المواطن رقم واحد في أولوياتها، وكيف قام التجار بدورهم كذلك.

- انتقال الحملة إلى القطاع الخاص وتنافس الشركات في القيام بواجباتها تجاه موظفيها أو المجتمع.

- الشعور بالمسئولية عند الناس والتزامهم.

هذه مدرسة تستحق الإشادة..

وتجربة فريدة يمكن للمتخصصين في التسويق دراستها وتدريسها..

وكذلك تجربة تضاف إلى نجاحات أخرى كقيادة الحج المتميزة..

ونقل هذه التجارب إلى العالم ليرى بنفسه القدرة على مواجهة الحدث وقيادة الأزمة..

فالحمد لله على توفيقه، وشكراً لكل من ساهم في حماية المجتمع وأبنائه.

وفي انتظار تقاريرها.

 

 

 

This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International License.